فصل: تفسير الآية رقم (79):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (79):

القول في تأويل قوله تعالى: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [79].
{كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} أي: لا ينهى بعضهم بعضاً عن ارتكاب المآثم والمحارم. ثم ذمَّهم على ذلك ليحذر من ارتكاب مثل الذي ارتكبوه فقال: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} مؤكداً بلام القسم. تعجيباً من سوء فعلهم، كيف وقد أدّاهم إلى ما شرح من اللعن الكبير.
تنبيهات:
الأول: دلت الآية على جواز لعنهم.
الثاني: دلت الآية أيضاً على المنع من الذرائع التي تبطل مقاصد الشرع. لم رواه أكثر المفسرين، أن الذين لعنهم داود عليه السلام أهل أيلة الذين اعتدوا في السبت واصطادوا الحيتان فيه. وستأتي قصتهم في الأعراف.
الثالث: دلت أيضاً على وجوب النهي عن المنكر.
قال الحاكم: وتدل على أن ترك النهي من الكبائر.
الرابع: روى الإمام أحمد في معنى الآية عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما وقعت بنوا إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، أو في أسواقهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم {ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس فقال: «لا، والذي نفسي بيده! حتى تَأْطِرُوهم على الحق أطراً». أي: تعطفوهم عليه. ورواه الترمذي وقال: حسن غريب.
وأخرجه أبو داود عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا! اتق اللهَ، ودَعْ ما تصنع، فإنه لا يحل لك ثم، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك، ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} إلى قوله: {فَاسِقُونَ}. ثم قال: كلا والله! لتأمرن بالمعروف. ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطِرنّه على الحق أطراً، أو تقصرنَّه على الحق قصراً».
زاد في رواية: أو ليضربنّ الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم.
وكذا رواه الترمذي وحسّنه. وابن ماجة.
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة، ومما يناسب منها هذا المقام:
ما رواه الإمام أحمد والترمذيّ عن حذيفة بن اليمان: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده! لتأمرنّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر، أو ليُوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده، ثم لَتَدْعُنّه فلا يستجيب لكم».
وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيّرهُ بيده. فإن لم يستطع فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان».
وروى الإمام أحمد عن عديّ بن عَميرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم. وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه. فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة».
وروى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لَيَسْأَل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذْ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبداً حجته قال: يا ربّ! رجوتك وفرقت الناس».
قال الحافظ ابن كثير: تفرّد به ابن ماجة. وإسناده لا بأس به.
وروى الإمام أحمد والترمذيّ عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه. قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء ما لا يطيق».
قال الترمذيّ: حسن غريب.
وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله! متى نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم. قلنا: يا رسول الله! وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: الملك في صغاركم، الفاحشة في كباركم، والعلم في رُذالتكم».
قال زيد بن يحيى الخزاعيّ، أحد رواته: معنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم «والعلم في رذالتكم» إذا كان العلم في الفساق.
تفرد به ابن ماجة. وله شاهد في حديث أبي ثعلبة يأتي إن شاء الله عند قوله تعالى: {لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ}- أفاده ابن كثير.
أقول: هذه الأحاديث إنما يتروّح بها الضعفة، من نحو العلماء والقادة. وأما من كان لهم الكلمة النافذة والوجاهة التامة فهيهات أن تغني عنهم، وهذه المواعيد الهائلة تخفق فوق رؤوسهم.. ولذا قال العّلامة الزمخشري: فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المناكير، وقلّة عبئهم به. كأنه ليس من ملّة الإسلام في شيء. مع ما يتلون من كتاب الله، وما فيه من المبالغات في هذا الباب وقد مرّ عند قوله تعالى: {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ} [المائدة: 63] ما يؤيد ما هنا، فتذكرّ.
الخامس: قال الزمخشري: فإن قلت: كيف وقع ترك التناهي عن المنكر تفسيراً للمعصية والاعتداء؟
قلت: من قِبَلِ أن الله تعالى أمر بالتناهي. فكان الإخلال به معصية، وهو اعتداء.
ولما وصف تعالى أسلافهم بما مضى، وصف الحاضرين بقوله:

.تفسير الآية رقم (80):

القول في تأويل قوله تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [80].
{تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ} أي: من أهل الكتاب: {يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: يوالون المشركين، بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الرازي: والمراد منهم كعب بن الأشرف وأصحابه، حين استجاشوا المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم: وذكرنا ذلك في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً}.
{لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} أي: لبئس شيئا قدموا لمعادهم. وقوله تعالى: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} هو المخصوص بالذم، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، تنبيهاً على كمال التعلق والارتباط بينهما كأنهما شيء واحد، ومبالغة في الذم الذم. والمعنى: لبئس زادهم في الآخرة موجب سخطه تعالى عليهم: {وَفِي الْعَذَابِ}: {هُمْ خَالِدُونَ}.

.تفسير الآية رقم (81):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [81].
{وَلَوْ كَانُوا} أي: هؤلاء الذين يتولون عَبْدة الأوثان من أهل الكتاب: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ} أي: نبيهم موسى عليه السلام: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ} أي: من التوراة: {مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} إذ الإيمان بالله يمنع من تولّي من يَعْبُدُ غَيْرَهُ: {وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} خارجون عن دينهم، أو متمردون في نفاقهم. يعني: أن موالاتهم للمشركين كفى بها دليلاً على نفاقهم، وإن إيمانهم ليس بإيمان، لأن تحريم ذلك متأكد في التوراة وفي شرع موسى عليه السلام، فلما فعلوا ذلك ظهر أنه ليس مرادهم تقرير دين موسى عليه السلام، بل مرادهم الرياسة والجاه، فيسعون في تحصيله بأي طريق قدروا عليه، فلهذا وصفهم تعالى بالفسق.
وفي الآية وجه آخر: وهو أن يكون المعنى: ولو كانوا- أي: منافقوا أهل الكتاب المدّعون للإيمان- يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن حق الإيمان، ما ارتكبوا ما ارتكبوه، من موالاة الكافرين في الباطن.
والوجه الأول أقوم، والله أعلم.
ثم أكد تعالى ما تقدم من مثالب اليهود بقوله:

.تفسير الآية رقم (82):

القول في تأويل قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [82].
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} وإنما عاداهم اليهود لإيمانهم بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وعادهم المشركون لتوحيدهم وإقرارهم بنبوة الأنبياء- أشار إليه المهايميّ.
وقال غيره: لشدة إبائهم، وتضاعف كفرهم، وانهماكهم في اتباع الهوى، وركونهم إلى التقليد، وبعدهم عن التحقيق، وتمرنهم على التمرد والاستعصاء على الأنبياء، والاجتراء على تكذيبهم، ومناصبتهم لهم. ولهذا قتلوا كثيراً منهم حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة، وسموه، وسحروه، وألّبوا عليه أشباههم من المشركين. وفي تقديم {اليهود} على المشركين، بعد لزّهما في قرَن واحد، إشعار بتقدمهم عليهم في العداوة، كما أن في تقديمهم عليهم في قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} [البقرة: 96] إيذاناً بتقدمهم عليهم في الحرص {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} للين جانبهم وقلة غلّ قلوبهم.
قال ابن كثير: وما ذاك إلا لما في قلوبهم، إذ كانوا على دين المسيح، من الرقة والرأفة كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً} [الحديد: 27] وفي كتابهم: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر. وليس القتال مشروعاً في ملّتهم. انتهى.
ولأن من مذهب اليهود، أنه يجب إيصال الشر إلى من خالف دينهم بأي طريق كان، من القتل ونهب المال ونحوهما، وهو عند النصارى حرام. فحصل الفرق.
وقد روى ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعاً: «ما خلا يهوديّ بمسلم إلا همّ بقتله».
ولكثرة اهتمام النصارى بالعلم والترهيب، مما يدعوا إلى قلة البغضاء والحسد، ولين العريكة، كما أشير إليه بقوله تعالى: {ذَلِكَ} أي: كونهم أقرب مودة للمؤمنين: {بِأَنَّ مِنْهُمْ} أي: بسبب أن منهم: {قِسِّيسِينَ} أي: علماء: {وَرُهْبَاناً} أي: عبّاداً متجردين: {وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} أي: يتواضعون لوداعتهم ولا يتكبرون كاليهود. وفي الآية دليل على أن الإقبال على العلم، والإعراض عن الشهوات، والبراءة من الكبر- محمود. وإن كان ذلك من كافر.
لطيفة:
قال الناصر في الانتصاف:
إنما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى} ولم يقل النَّصَارىَ تعريضاً بصلابة اليهود في الكفر والامتناع من الامتثال للأمر، لأن اليهود قيل لهم: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} [المائدة: 21]. فقابلوا ذلك بأن قالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، والنصارى قالوا: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّه} [آل عِمْرَان: 52]. ومن ثم سُمُّوا نصارى. وكذلك أيضاً ورد أول هذه السورة {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: 14]. فأسند ذلك إلى قولهم، والإشارة به إلى قولهم: {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ} لكنه هاهنا ذكر تنبيهاً على أنهم لم يثبتوا على الميثاق ولا على ما قالوه من أنهم أنصار الله. وفي الآية الثانية ذكر تنبيهاً على أنهم أقرب حالاً من اليهود. لأنهم لما ورد عليهم الأمر لم يكافحوه بالردّ مكافحة اليهود. بل قالوا: {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ}. اليهود قالت: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ}... الآية، فهذا سره. والله أعلم.

.تفسير الآية رقم (83):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [83].
{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} عطف على {لا يستكبرون}. قال أبو البقاء: ويجوز أن يكون مستأنفاً في اللفظ وإن كان له تعلق بما قبله في المعنى. يعني: وإذا سمعوا القرآن: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ} أي: تنصبٌ: {مِنَ الدَّمْعِ} الحاصل من اجتماع حرارة الحب والخوف، مع برد اليقين: {مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} أي: من كتابهم، فوجدوه أكمل منه وأفضل، أو من الذي نزل على الرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحق، أو من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في كتابهم: {يَقُولُونَ} أي: من عدم استكبارهم: {رَبَّنَا آمَنَّا} أي: بك وبما أنزلت وبرسولك محمد: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} أي: الذين شهدوا بأنه حق أو بنبوته. روى الحاكم، وصححه، ابن عباس قال: أي: مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأمته هم الشاهدون. يشهدون لنبيهم أنه قد بلّغ، وللرسل أنهم قد بلَّغوا.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (84):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [84].
{وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} إنكار استبعادٍ لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه- وهو الطمع- في إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين: {وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ} أي: وبما جاءنا من القرآن. وفي إعرابه وجه آخر يأتي {وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} يعني مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أو المعنى: أن يدخلنا ربّنا الجنة وع الأنبياء والمؤمنين.

.تفسير الآية رقم (85):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} [85].
{فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} أي: بما تكلموا به من قولهم: {رَبَّنَا آمَنَّا} الصادر عن اعتقاد وإخلاص واعتراف بالحقّ: {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} أي: من تحت شجرها ومساكنها: {الْأَنْهَارُ} يعني أنهار الماء واللبن والعسل: {خَالِدِينَ فِيهَا} أي: مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} يعني المؤمنين الموحّدين المخلصين في إيمانهم.
تنبيهات:
الأول: اتفق المفسرون على أن هذه الآيات الأربع نزلت في النجاشي وأصحابه رضوان الله عليهم.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن وعروة ابن الزبير قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عَمْرو بن أمية الضمريّ وكتب معه كتاباً إلى النجاشي. فقدم على النجاشي. فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه وأرسل إلى الرهبان والقسيسين. ثم أمر جعفر بن أبي طالب فقرأ عليهم سورة مريم. فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع. فهم الذين أنزل الله فيهم: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّة} إلى قوله: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: بعث النجاشي ثلاثين رجلاً من خيار أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقرأ عليهم سورة يس فبكوا، فنزلت فيهم الآية.
وأخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُول}.
وروى الطبرانيّ عن ابن عباس ونحوه، بأبسط منه.- كذا في أسباب النزول للسيوطيّ-
وقال ابن كثير: قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه، الذين، حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن، بكوا حتى أخضبوا لحاهم.
قال ابن كثير: وهذا القول فيه نظر. لأن هذه الآية مدنية، وقصة جعفر مع النجاشيّ قبل الهجرة. انتهى.
أقول: إن نظره مدفوع، فإنه حكى في هذه الآية بعد الهجرة ما وقع قبلها، ونظائره في التنزيل كثيرة، ولا إشكال فيه.. وظاهر أن المقصود بهذه الآية التعريض بعناد اليهود الذين كانوا حول المدينة. وهم يهود بني قريظة والنضير. وبعناد المشركين أيضاً، وقساوة قلوب الفريقين، وأنه كان الأجدر بهما أن يعترفوا بالحق كما اعترف به النجاشي وأصحابه. وقال ابن كثير: هذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عِمْرَان: 199]. الآية، وهم الذين قال الله فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}.. إلى قوله-: {لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 52- 55]. انتهى.
وكان سبب هجرة الصحابة إلى أرض الحبشة، أنّ قريشاً ائتمرت أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم، فوثبت كل قبيلة على من آمن منهم فآذوهم وعذبوهم، فافتتن من افتتن منهم، وعصم الله من شاء منهم.
قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية، بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هو فيه من البلاء- قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدِقْ، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم».
فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة. وفرّوا إلى الله بدينهم. فكانت أول هجرة كانت في الإسلام.
فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين- سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغاراً وولدوا بها- ثلاثة وثمانين رجلاً، إن كان عمّار بن ياسر فيهم، وهو يشكّ فيه.
ثم روى ابن إسحاق بسنده إلى أم سلمة- زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم- قالت: لما نزلنا بأرض الحبشة جاورنا بها خير جارٍ النجاشيّ. أمنَّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نُؤْذَى ولا نسمع شيئاً نكرهه. فلمَّا بلغ ذلك قريشاً ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جَلْدَيْن. وأن يُهدوا للنجاشيّ هدايا مما يُستطرف من متاع مكة. وكان من أعجب ما يأتيه منها الأَدَم. فجمعوا له أدَمَاً كثيراً. ولم يتركوا من بطارقته بِطريقاً إلاَّ أهدَوْا له هدية. ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو ابن العاص. وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشيّ فيهم. ثم قدّما إلى النجاشي هداياه. ثم سلاه أن يُسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم. قالت: فخرجا حتى قدما على النجاشيّ- ونحن عنده بخير دار، عند خير جار- فلم يبق من بطارقته إلا دفعاً إليه هديته قبل أن يكلما النجاشيّ، وقالا لكل بطريق منهم: إنه قد ضوى- أي: لجأ- إلى بلد الملك منا، غلمان سفهاءُ، فارقوا دين قومه، ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بَعَثَنَا إلى الملك فيهم أشرافُ قومهم ليردّهُم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يُسْلمهم إلينا ولا يكلمهم. فإنَّ قومهم أعلى بهم عيناً.- أي: أبصر بهم- وأعلم بما عاموا عليهم. فقالوا لهما: نعم. ثم إنهما قدّما هداياهما إلى النجاشيّ فقبلها منهما، ثم كلّماه بما كلّما كلّ بطريق.
قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي. قالت: فقالت بطارقته حوله: صَدَقَا. أيها الملك! قومهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم. فأَسْلمهم إليهما فليردَّاهم إلى بلادهم وقومهم. فقالت: فغضب النجاشيّ ثم قال: لاها الله! إذا لا أسْلمهم إليهما. ولا يُكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى أدعَوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم. فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم لهما ورددتهم إلى قومهم. وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهم وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا. ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا نقول والله! ما علمنا. وما أمرَنَا به نبينا، كائناً في ذلك ما هو كائن. فلما جاؤوا- وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟ قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك؟ كنا قوماً أهل جاهلية. نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام ونسئ الجوار. ويأكل القويّ منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه. فدعا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام- قالت: فعدّد عليه أمور الإسلام- فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله. فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً، وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا مظلم عندك أيها الملك! قال: فقال له النجاشيّ: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم! فقال له النجاشيّ: فاقرأه عليّ. قالت: فقرأ عليه صدراً من (كهيعص) قالت: فبكى، والله! النجاشيّ حتى اخضلّت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم. ثم قال النجاشيّ: إن هذا، والذي جاء به عيسى، ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا، فلا، والله! لا أسلمهم إليكما ولا يُكادون.
قالت: فلما خرجا من عنده قال عَمْرو بن العاص: والله! لآتينّه غدا عنهمً بما استأصل به خضراءهم أي: شجرتهم التي منها تفرعوا.
قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة- وكان أتقى الرجلين فينا-: لا تفعل فإن لهم أرحاماً وإن كانوا قد خالفونا. قال: والله! لأخبرنه أنهم يزعمون انتهى عيسى ابن مريم عبد.
قالت: ثم غدا عليه من الغد فقال: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً. فأرسلْ إليهم فسلهم عما يقولون فيه. قالت: فأرسل إليهم ليسألهم عنه.
قالت: ولم ينزل بنا مثلها قط. فاجتمع القوم. ثم قال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا نقول والله! ما قال الله وما جاءنا به نبينا كائناً في ذلك ما هو كائن. قال: فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟ قالت: فقال جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاءنا فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. قالت: فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عوداً، ثم قال: والله! ما عدا عيسى ابن مريم، مما قلت. هذا العودَ. قالت: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال. فقال: وإن نخرتم، والله! اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي- والشيوم الآمنون- مَنْ سَبّكم، غرِم. قالها ثلاثاً.
ثم قال: ما أحب أن لي دَبْراً- والدبر الجبل- من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم. ردّوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها.
قالت: فخرجا من عنده مقبوحَيْن مردوداً عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دارٍ مع خير جارٍ.
ثم روى ابن إسحاق في قصته: أن النجاشيّ عمد إلى كتاب فكتب فيه: هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. ويشهد أنَّ عيسى ابن مريم عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم. انتهى.
وإسلام النجاشي معروف. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما مات صلّى عليه مع تباعد الديار.
وذكر شمس الدين بن القيم في زاد المعاد: أنه كان مخرجهم إلى الحبشة في السنة الخامسة من المبعث.
التنبيه الثاني:
في الآية دليل على أن المشروع عند قراءة القرآن الخشوع والبكاء. وفي الخبر: «ابكوا فإن لم تجدوا بكاءً فتباكوا». أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب عن عبد الله بن عَمْرو. وقال: رواه الحاكم مرفوعاً وصححه. والمراد إشراب القلب والخوف المهابة لله تعالى.
الثالث: في قوله تعالى: {يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا} وقوله: {فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ} دليل على أن الإقرار داخل في الإيمان كما هو مذهب الفقهاء. وتعلقت الكرامية في أن الإيمان مجرد القول بقوله تعالى: {بِمَا قَالُواْ}، لكن الثناء بفيَض الدمع في السباق، وبالإحسان في السياق، يدفع ذلك، وأنَّى يكون مجرد القول إيماناً وقد قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}؟ نفى الإيمان عنهم، مع قولهم: {آمَنَّا بِاللّهِ} لعدم التصديق بالقلب.
وقال أهل المعرفة: الموجود منهم ثلاثة أشياء: البكاء على الجفاء، والدعاء على العطاء، والرضا بالقضاء. فمن ادعى المعرفة، ولم يكن فيه هذه الثلاثة، فليس بصادق في دعواه..! أفاده النسفي.
وقال الخازن: إنما علق الثواب بمجرد القول، لأنه قد سبق وصفهم بما يدل على إخلاصهم فيما قالوا. وهو المعرفة والبكاء المؤذنان بحقيقة الإخلاص واستكانة القلب. لأن القول إذا اقترن بالمعرفة فهو الإيمان الحقيقيّ الموعود عليه بالثواب.
وقال الرازي: لما حصلت المعرفة والإخلاص وكمال الانقياد، ثم أنضاف إليه القول، لا جرم كمل الإيمان. الرابع: قوله تعالى: {وَمَا جَاءنَا} يجوز أن يزكون في موضع جرّ، أي: وبما جاءنا، و{مِنَ الْحَقِّ} حال من الفاعل المستتر، أو لغو متعلق بـ: {جَاء} أي: وبما جاءنا من عند الله. ويجوز أن يكون مبتدأ و{مِنَ الْحَقِّ} الخبر، والجملة في موضع الحال. وقوله تعالى: {وَنَطْمَعُ} يجوز أن يكون معطوفاً على: {نُؤْمِنُ} أي: وما لنا لا نطمع. ويجوز أن يكون التقدير: ونحن نطمع، فتكون الجملة حالاً من ضمير الفاعل في: {نُؤْمِنُ}- أفاده أبو البقاء.